الجمعة، 19 فبراير 2010

الحلقة التاسعة : شباب الإسلام وقدامي الطلبة وتكتيك حرب العصابات

شباب الإسلام وقدامي الطلبة وتكتيك حرب العصابات
عام 1973 كان عاما ساخنا جدًا... النظام الحاكم وجنرالاته في لاظوغلي مصممين على وأد أي تحرك طلابي في مهده، كان الهدف هو استئصال مجالات الحائط وتفريع حلقات النقاش من الطلاب....
شهد هذا العام التحالف والتنسيق المباشر بين مباحث أمن الدولة والتيار الاسلامي... فقد كان هذا التيار بمثابة العصا الغليظة ضد الحركة الطلابية داخل الجامعة... كان الأمن المركزي خارج الجامعة مسلحا بالخوزات والعصى والقنابل المسيلة للدموع..... وكان التيار الاسلامي داخل الجامعة مسلحا بالمطاوي والجنازير...
دخلنا الجامعة في أكتوبر 1972...فى الأسبوع الأول علقت لافتة ضخمة كأفيش السينما داخل فناء كلية الهندسة جامعة القاهرة كتب عليها بالخط العريض :
"حزب الله في مواجهة حزب بالشيطان"...
وكان مفهومًا لنا :
حزب الله هو الدولة ومخبريها وجنرالاتها في تحالفهم مع التيار الإسلامي الذي كان السادات أفرج عن معتقليه من الإخوان المسلمين في بداية حكمه وأعاد لهم إصدار مجلة الدعوة..... ومغازلة لهذا التيار كان السادات يبدأ خطابه بكلمة: "باسم الله"..... وينهي خطابه بالدعاء الديني.
أما حزب الشيطان فهو كان مفهوما لنا:
الحركة الطلابية والطلاب الماركسيين والتيارات الديمقراطية.
في هذا الوقت كان المعلوم للجميع وحتى للسلطة ذاتها أن التيار الإسلامي هو الإخوان المسلمين وفقط ....
لكن الخافي والمختفي(وقتها) هو:
أن هذا التيار كان يتشكل بداخله أنوبة لتنظيمات إسلامية جديدة مثل:
التكفير والهجرة ..والتبليغ والدعوة.... والجماعة الإسلامية وغيرها.
لم يكن أحد يعلم عنها شيئًا...... وجد النظام في التيار الإسلامي وبحكم عداءه للشيوعية وللتيارات اليسارية أفضل حليف له في مواجهة الحركة الطلابية ....وتحويل الصراع من صراع حركة طلابية ضد دولة ديكتاتورية إلى صراع بين (طلبة من الشيوعيين) و(طلبة من الإسلاميين)..... بما أطلق عليه (طلبنة الحركة) مثل (فتنمة الحرب بين فيتنام شمالية وفيتنام جنوبية)..
لقدم أستلهم النظام خبرة ودرس الحركة الطلابية في عام 1946 حينما تحالف إسماعيل صدقى مع الإخوان المسلمين... وجعلهم يشكلون "اللجنة القومية للطلاب" في مواجهة "اللجنة الوطنية للطلبة والعمال"... واستخدموا الأسلحة والجنازير ضد الطلاب.
دخلنا الكلية والعديد من الملصقات تدعو للإنضمام لجماعة "شباب الإسلام"... وخلال أيام تشكلت الجماعة ووجدنا قائدًا لها يدعى "عدلي مصطفى".... طالب بكلية الهندسة يقف أمام مجلات الحائط يبدأ كلمته ب :
"بسم الله الرحمن الرحيم".. ثم ينتقل بكلامه لعبارات : قال الله وقال الرسول... ثم يحرض ضد الشيوعية والشيوعيين... ثم يأمر أتباعه بتمزيق مجلات الحائط بالكلية... وضرب الطلاب الشيوعيين الذي يصدرون هذه المجلات ...
كان يلتف حول (عدلي مصطفى) هذا حوالي مائة شخص.... نصفهم من أتباعه والباقي عناصر من خارج الكلية بعضهم مدرب جيدًا على أعمال الكاراتيه.... بعد أن ينتهي عدلي من كلماته:
يبدأ الضرب وتنقلب ساحة الكلية.... ومع الضرب يتم تمزيق مجلات الحائط وفض حلقات النقاش...
لم يكتفي النظام بذلك داخل هندسة القاهرة....... بل إلى جوار جماعة (شباب الإسلام) تشكلت جماعة أخرى تحت إشراف مباحث أمن الدولة وهي جماعة (قدامي الطلبة):
وكان عمل جماعة (قدامي الطلبة) يكمل عمل (شباب الإسلام)...
فمن المعروف أن حوالي 35% فقط من الطلاب الذين يدخلون كلية الهندسة هم الذين يحصلون على بكلورويوس الهندسة بعد 5 سنوات..... أما 65% من الطلاب فهم يتخرجون بعد 6، 7، 8، 9 أو 10 سنوات وأكثر.... تمكنت أمن الدولة من تجنيد بعض الطلاب من قدامي الطلبة.... وكان ذلك إبداعًا مباحثيًا....
حيث يقف أحد هؤلاء القدامى بعد تمزيق مجلات الحائط وضرب الطلاب ..........يرتدي طربوشًا أحمر بذر....... ويقف على أحد الكراسى ويلقي قصائد شعر عامية تتندر من عدد السنوات العشرة الذي قضاها بالكلية وما زال طالبًا في السنة الثانية........وقصائد زجل ساخرة من الدراسة وصعوبتها.. وكان الزجل مصاغ بطريقة شيقة وجميلة... وكان الهدف بعد معارك الكاراتيه وتمزيق المجالات نقل الطلاب إلى حالة من السخرية والضحك لفض حلقات النقاش بشكل لطبيعي...
وكان المشهد اليومي طوال شهري نوفمبر وديسمبر داخل هندسة القاهرة هو مشهد متكرر:
تظهر جماعة شباب الإسلام في فناء الكلية..... يبدأ (عدلي مصطفى) في إلقاء خطبته الدينية... تنتهي الخطبة بتمزيق مجلات الحائط ومطاردة الطلاب اليساريين بفرق الكاراتيه... جمهور الطلاب في البداية لم يكن يفهم ما يحدث... يعتقد البعض أنها مشاجرة بين الإخوان والشيوعيين... والكل يفر جاريًا أمام فرق الكاراتيه........
بعد ربع ساعة تبدأ جماعة (قدامي الطلبة) في أرتداء الطرابيش وإلقاء الأشعار الساخرة... يقف الطلاب حولهم يضحكون على حالهم وعلى سنوات رسوبهم!!!!!!!!!!
الهدف هو: وأد مجلات الحائط وحلقات النقاش اللتين يؤديان إلى تجمع الطلاب.
كان لحزب الله جماعتان: (شباب الإسلام) و(قدامي الطلبة)
وكان لحزب الشيطان جماعتان: (أنصار الثورة الفلسطينية) و(جواد حسني) ...كان هذا في هندسة القاهرة... أما في باقي الجامعة والجامعات فقد أثبتت الوقائع والأحداث (قصة التنظيم الذي كان يقوده محمد عثمان أحد رجالات الدولة بالاتحاد الاشتراكي بمحافظة أسيوط..... والذى كان يسلح عناصره ويخطط لهم لضرب القيادات الطلابية الماركسية) ....وكان أغلب عناصر هذا التنظيم من التيار الإسلامي.
سلاح التكفير أستخدمه النظام الحاكم (هو والتيار الإسلامي) ضد الطلاب المعارضين وضد التيارات الماركسية داخل الحركة... لم يكن النظام يدرك أن نفس السلاح سوف يستخدمه التيار الإسلامي في إغتيال رأس النظام وذبحه في ظهيرة 6 أكتوبر 1981...... (لإنه كافر لم يحكم بما أنزل الله!!! ).......
في كلية الحقوق جامعة القاهرة ومع إستقبال إتحاد طلاب الكلية لطلبة السنة الأولى... أخذ رئيس الإتحاد الموالي للدولة ولأجهزة الأمن يحذر الطلاب من الشيوعيين الكفرة.... والناس اللي ليهم لون محدد بتوع الحركة الطلابية..... ولما وقفت طالبة من طلبة السنة الأولى لتطلب منه سماع وجهة النظر الأخرى تقدم أحمد شرف الدين عضو جماعة الدراسات الاشتراكية بالكلية.... ليشرح مطالب وأهداف الحركة الطلابية...... فإستطاع إجتذاب الغالبية العظمى من الحاضرين من الطلاب للتعاطف مع الحركة الطلابية....... ومع تصفيقهم له:
بدأت مطاوي وجنازير فرق محمد عثمان في الظهور والضرب...... وإرهاب الجميع....
وعلى أثر ذلك تم طعن أحمد شرف بمطواة في فمه وأصيب بجرح قطعي في شفاه..... ظل واضحًا طوال عمره فوق فمه (3 غرز خياطة)....... وصلاح موسى جرح قطعي في الجبهة (4 غرز)................ وشاب من الإسماعيلية طالب بكلية الحقوق (لا أتذكر أسمه الآن) جرح قطعي في الجانب الأيسر (6 غرز) كادت تصل المطواة إلى كليته اليسرى... نقل الطلاب الثلاثة من جماعة الدراسات الاشتراكية إلى المستشفى... لقد كان الضرب بجنون ووحشيةمن خلال إتحاد الطلاب ومخبريه مع فرق التيار الإسلامي التي شكلها محمد عثمان... الغريب في الأمر... أن السادات ذاته روي هذه القصة في أحد خطبه بالمقلوب .... قال كاذبا:
"كان فيه مؤتمر في كلية الحقوق... وقفت طالبة في المدرج تقول:
إين هو الله؟ حد يقدر يثبت أنه موجود؟
وحطت أيديها في جيبها وقالت: لا يوجد شيء أسمه الله...
طبعًا الطلبة ثارت وقامت الخناقة والضرب"
كذب ما بعده كذب... واستخدام سلاح التكفير عند العجز السياسي.... وتشويه المعارضين بأي صورة وأية وسيلة.. بشر ينوبون عن الله لمحاسبة الآخرين... محاكم تفتيش فاشلة أبتدعها الإسلاميون بالتحالف مع النظام الحاكم طيلة سنوات السبعينات.
وكانت أعمال الغدر والدسيسة هي النمط السائد من قبل أجهزة الأمن تجاه الطلاب:
فلقد كان هناك مجلتان حائط أسم كل منهما "الاعتصام"...
الاعتصام الأولى: كان يصدرها الطالب والشاعر والمهندس عصام الغزالي...... ويكتب تحت عنوان المجلة الآية الكريمة (واعتصموا بجبل الله جميعًا ولا تفرقوا).... وكان عصام ذوميول إسلامية .... لكنه كان إنسان دمث الخلق يعبر عن خلافه السياسي بصراحة ويرفض التعامل مع أجهزة الأمن..... بإختصار كان إسلاميًا صادقًا.
الاعتصام الثانية: كنت أصدرها أنا وبعض زملائي نسبة إلى إعتصام الجامعة في العام السابق.
في المساء وبعد إنفضاض الطلاب إلى منازلهم ...أعطت المباحث أوامرها لأحد عملاءها بتمزيق الاعتصام الأولى مع المحافظة على الاعتصام الثانية... وتم استدعاء الطالب عصام الغزالي لمباحث أمن الدولة...
فلما ذهب قالوا له:
الشيوعيين مزقوا مجلتك لأنهم كفرة.. ولدينا معلومات أنهم سيمزقون أي مجلة تصدرها باسم الإعتصام.
أما المخبر الذي أخذ التكليف فلم يستطع التميز بين الإعتصام الأولى والإعتصام الثانية فمزق جميع المجلات التي عليها كلمة الإعتصام...... وفي الصباح وجد الغزالي مجلته ممزقة...... فأتجه نحوي بغضب شديد صارخًا: لماذا تمزقون مجلتي؟ لأنني مختلف فكريًا معكم...
فقلت له: أنظر.. إن مجلتنا أيضًا ممزقة.....
ولصدق عصام الغزالي (أبن المنصورة) والشاعر الرقيق.... فإنه عقد مؤتمرًا طلابيًا أعلن فيه كل ما دار معه من حديث داخل مبنى مباحث أمن الدولة حينما أستدعوه ليلاً... وفضح أكاذيبهم ومحاولتهم للوقيعة بين الطلاب.... ولهذا السبب تم إعتقال عصام الغزالي مع زملائه الطلاب حينما بدأت حملة الاعتقالات في 29 ديسمبر 1972.
عقلية جنرالات الداخلية لا تعرف سوى أسلوب المؤامرة... ودائمًا يجنون الخيبة الثقيلة...
(طبقة سطحية...... وعاملة فاصيحة..... وجايبة العار).......
النفخة الكذابة والغرور والغباء والسطحية تلك هي سماتهم الأصبلة... جنرالات لاظوغلي لا يفلحوا إلا في تنفيذ أوامر الاعتقال والتعذيب.
لقد كان يصدر داخل كلية الهندسة ما لا يقل عن عشرون مجلة حائط أشهرها:
* القرع مجلة كاريكاتير كان يصدرها طلعت فهمي.
* الكوسة كان يصدرها محمد محمد فتيح.
*بلدي كان يصدرها شاكر عرفة وكمال خليل
* والاعتصام مثل بلدى.
* الثورة مجلة حائط لسان حال جماعة أنصار الثورة الفلسطينية يحررها سهام صبري ومحمد توفيق وماجد أدريس وإبراهيم عزام.
* الكلمة كان يصدرها ناهد سعد زغلول ومحمد عابدين .
* جواد حسني مجلة حائط لسان حال جماعة جواد حسني يحررها أحمد بهاء شعبان وعبد العزيز شفيق وماجد الصاوي وعماد عطية ومنير مجاهد.
* الأرض تصدرها جماعة الأرض المهندسة عزيزة والمهندسة خديجة.
* بهية كان يحررها أحد الطلاب لا أتذكر أسمه وكان مجلة جميلة ومتجددة.
* ياسين مجلة يحررها المهندس ياسين وكنت إتجاهتها يميتيةوضدالتيارات اليسارية.
* مجلة الجماعة الدينية كانت لسان حال الجماعة الإسلامية.
* مجلة حائط كان يصدرها الطلاب المسحيين .
* الاعتصام يصدرها عصام الغزالي.
* أراء حرة يصدرها وائل عثمان والذي أصدر كتاب بعنوان أسرار الحركة الطلابية وكان ذوميول يمينية..
كان فناء كلية الهندسة يمتلأ بمجلات الحائط لكل من يريد أن يحرر مجلة
ظللنا لمدة أسبوعين نتلقى الضرب الموجع من فرق الكاراتيه بعد خطبة عدلي مصطفى....
وكان الضرب يبدأ مع تعليق مجلات الحائط..... ودائمًا يبدأ بطلعت فهمي محرر مجلة القرع.... لأن المجلة كانت تجذب جمهور الطلاب نحوها.. وكان مشهد طلعت فهمي وهو يجري مهرولاً وضاحكًا أمام فرق الكاراتيه منظرًا معتادًافى هذه الأيام...
طرد الخبراء السوفيت وبعض من التساؤلات
وعندما أتخذ السادات قرارا بطرد الخبراء السوفيت تمكنا من عقد مؤتمر طلابي حول قرار السادات بطرد الخبراء السوفيت ...وساعدنا فيه زملاؤنا الطلاب من الحرم الجامعي.....
وكشفنا في المؤتمر تناقض السادات بين ترديده الدائم في جميع خطاباته:
"بأن الاتحاد السوفيتي وقف إلى جانبنا في أحلك الظروف"
وبين ما قام به السادات من طرد الخبراء السوفيت...
وهذا الحادث يطرح صدق ما جاء في تساؤلات الطلاب في وثيقة يناير:
حول ما حجم وما مدى مساعدات الاتحاد السوفيتي لنا؟؟؟؟...
والحقيقة كان هناك إنقسام في الرأي بين الطلاب حول هذا الموضوع بين مؤيد لقرار السادات ومعارض له... وكان تقريبًا جميع فرق اليسار بالجامعة تعارض هذا القرار وكان إنحيازها للمعارضة :
من منطلق مواجهة المحتل... وأيضا من منطلق إنحيازها الأيديولجى.....
هل كانت خطوات السادات (وقف يا صادق) ثم طرد الخبراء السوفيت هي خطوات خداعية للعدو الصهيوني من أجل التحضير لحرب أكتوبر؟
هل كان قرار طرد الخبراء السوفيت خطوة في اتجاه مغازلة الإدارة الأمريكية والغرب بشكل عام؟
أم هو خداع ومغازلة في نفس الوقت؟!!!!!!لا أحد كان يدرى فى الماضى.....ولا فى الحاضر....
فحينما تغيب الحرية عن مجتمع... ويحكم البلاد حزب أوحد وديكتاتور أوحد... لن يكون هناك مجالاً للنقاش والمعرفة... ولن يكون هناك مجالاً للجماهير لأن تلعب دورًا في تحديد مصيرها...
مصيرنا دائمًا يحدده ديكتاتور أعلى... وقيادة عليا...
السادات كان يناورويخادع ولكن من أجل ماذا؟!!!!!
من أجل أهداف بعيدة......... أوصلتنا إلى سفارة للعدو الصهيوني على أرض مصر وتطبيع وإتفاقيات إستسلام للعدو الصهيوني.
ونعم كان يغازل الإدارة الأمريكية من أجل تدعيم نظام حكمه والطبقة الحاكمة..... ثم سار مبارك على طريقه بصدق وأصبحت مصر تدار تقريبًا من البيت الأبيض.
الشىء الوحيد الذى كان صادقا فى ذلك الوقت هو تساؤلات الطلاب التى طرحت فى وثيقة يناير والتى لم يجيبهم أحد عليها(حتى الآن) عن مدى حجم المساعدات السوفيتية لنا؟؟؟
لاشك إن هذا الحجم كان يخضع لظروف الحرب الباردة ولمصالح الإتحاد السوفيتى.....
ففى عام 1956 كان الإنذار الروسى.....وفى عام 1967 لم يكن هناك إنذارا روسيا ولا يحزنون رغم ان عدوان
67 كان هو الأخطر...وكان يشمل عدوان على ثلاث دول عربية!!!!
المهم بعد المؤتمر الذي عقد بمدرج الساوي حول قرار السادات بطرد الخبراء السوفيت.... قام البلطجية من أنصار جماعة شباب الإسلام وعناصر المباحث بالكلية بالإعتداء على زميلنا أحمد بهاء الدين شعبان بالشوم والعصي... وكاد الضرب فوق الرأس أن يدفع ببهاء إلى حافة الموت... وحملناه سريعًا إلى مستشفى القصر العيني مغشيًا عليه... فعلاً ديمقراطية لها أنياب كما كان يتحدث السادات.
ماذا نفعل؟ ضرب مبرح من فرق البلطجية بشكل يومي!!!
اتهامات بالكفر والإلحاد!!!
اتهامات بالعمالة للاتحاد السوفيتي!!!
لولا الصمود لتمكنت الدولة من مصادرة مجلات الحائط وفض جمهور الطلاب عنها... كان الصمود كل يوم يكشف أبعاد المخطط المباحثي ويفضح عناصر التيار الإسلامي لجمهور الطلاب...
لكن طاقتنا كانت بدأت على وشك النفاذ..... فمجلة الحائط التي يجري إعدادها في أربعة ساعات على الأقل.... يتم تمزيقها في دقائق قبل أن يقرأها أحد... كثفنا من إجتماعاتنا خارج الكلية...
عند النقاش كان هناك وجهتان نظر:
الوجهة الأولى: أن نتسلح في مواجهة فرق الكاراتيه بالشوم للدفاع عن أنفسنا وعن مجلات الحائط... لكن الأغلبية رفضت هذا الاتجاه لأنه سيعزز من مخطط أجهزة الأمن... والطلاب لن ينحازوا لأي طرف من طرفين مسلحان بالشوم... سيرى الطلاب أن الأمر خناقة بين طلاب من اتجاهات مختلفة (إسلاميون وشيوعيون)...
الوجهة الثانية: كانت ترى أن الصمود أمام البلطجة وعدم التسلح هو الذي سيكشف المؤامرة.....
وهو الذي سيجعل الطلاب يكتشفون المخطط...
وحينما يتحقق ذلك سيتمكن الآلاف من الطلاب الذي أشتركوا في اعتصام يناير 1972 ومظاهرات التحرير (الكعكة الحجرية) بسحق فرق الكاراتيه...
وحينئذ تكون المعركة معركة جماهير الطلاب ضد عملاء أجهزة الأمن بما فيهم الإسلاميون...
وتمخض هذا الرأي عن أهمية تشكيل لجان من الطلاب بكل كلية للدفاع عن الديمقراطية والدفاع عن مجلات الحائط وحلقات النقاش... كما أتبعنا تكتيك الإنتشار الواسع:
بمعنى عدم تركيز مجلات الحائط في منطقة واحدة ( فناء الكلية)......... لأن ذلك يسهل على عملاء الأمن سرعة تمزيقها وأمام الطلاب المتواجدون في الفناء فقط...
قررنا نشر مجلاتنا ودعايتنا بين جميع مباني الكلية وفي المدرجات.....فحينما يمزقوها سيكون ذلك أمام الآلاف من الطلاب في أماكن متعددة... كما أتبعنا أسلوب العبارات السريعة التي تكتب في دقائق وذلك لسهولة كتابتها مرة ثانية وبسرعة بعد تمزيقها...
إنها حرب قررنا أن تكون حرب عصابات... انتشار واسع... دعاية سريعة... خفة في الحركة... تشتيت لقوة العدو... إذا تصدى البلطجية لدعايتنا ومزقوها في مكان ما... ففي أماكن أخرى دعايتنا لم تمزق... وعندما يمزقون دعايتنا في مكان وينتقلون لمكان آخر سوف نزرع دعايتنا في المكان الأول بسهولة وكتابتها في دقائق معدودة...
بدأنا نطبق هذا التكتيك لمدة ثلاثة أسابيع متتالية... وكل يوم كنا نكشف المخطط الإجرامي لجماهير الطلاب ونكشف لهم عن العلاقة بين (جماعة شباب الإسلام) و(جماعة قدامي الطلاب).... شيئًا فشيء بدأت جماهير الطلاب داخل الكلية وفي الجامعة تكتشف الحقيقة... وفقدت أزجال قدامى الطلبة بريقها لدى الطلاب.... وعرف الطلاب إنها دعوة للمسخرة بدلاً من حلقات النقاش... تحددت وجوه العناصر المباحثية الإسلامية لجمهور الطلاب... بدأ الطلاب في التصدي لفرق الكاراتيه بالهتاف:
"مباحث.. مباحث"...
أصبح عدلي مصطفى وأعوانه يتلقون الاهانات من الطلاب مثل:
"هوه الإسلام أمرك بالبلطجة وتكفير الناس"...
"أنتوا عملاء لأجهزة المباحث تتستروا بالإسلام"...
نجحت لجان الدفاع عن الديمقراطية بالجامعات والكليات المختلفة في إفشال المخطط الأمني لإجهاض الحركة الطلابية... تصدت جماهير الطلاب لعملاء المباحث وفرق الكاراتيه والتيار الإسلامي... عادت مجلات الحائط تزدهر في الكليات ومن حولها حلقات النقاش والندوات والمؤتمرات...
واجتمعت جماعة جواد حسني وأنصار الثورة الفلسطينية... وقررنا تنظيم زيارة لمدينة السويس....
والإلتقاء بالأهالي الصامدين داخل مدينتهم وبفرقة أولاد الأرض......
وتحدد ميعاد الزيارة يوم الجمعة 29 ديسمبر 1972..... وفي يوم الخميس 28 ديسمبرألقى السادات خطبة سياسية على الشعب كانت جميعها على الأحداث في الجامعة... ذكرنا في الخطاب بالديمقراطية ذات الأنياب... وأخذ يتحدث قائلاً:
"اليسار جوه الجامعة بيحرض... واليمين مبسوط وبيضحك في كمه... اليسار المتطرف بيتحالف مع اليمين المغامر... والقاعدة الطلابية سليمة"
لم يتوقع أحد أن يقوم النظام في فجر الجمعة 29 ديسمبر وعقب الخطاب بساعات قليلة بالقبض على الصف الأول من قيادات الحركة الطلابية...
لقد فشل مخطط طلبنة الحركة وشباب الإسلام وقدامي الطلبة..
لم يكن أمام النظام سوى الإعتقال.....
في الصباح الباكر ذهبت إلى منزل صديقي وزميلى بالكلية شاكر عرفة...... لكي نسافر معًا إلى السويس.... خرج أبيه إلى الشباك يشاور لي بالإبتعاد عن المنزل قائلا:
"المباحث عندهم فوق....... جايين يقبضوا على شاكر"... أطلقت قدماي للريح.. ذهبت إلى مكان الأتوبيس الذي كان سينقلنا إلى السويس .....عرفت هناك أن سهام صبري وأحمد فتيح وأحمد بهاء شعبان وأحمد هشام وعصام الغزالي وغيرهم قد تم القبض عليهم في الفجر... قمنا بزيارة مدينة السويس.... وفي هذا اليوم توالت الأخبار بإعتقال أحمد عبد الله رزة رئيس اللجنة الوطنية العليا وحوالي 95 طالب من الجامعات المصرية المختلفة... 
الحلقة القادمة الاسبوع القادم (اعتصام يناير 1973 ومظاهرات الشوارع وإغلاق الجامعة)

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

سيدى لرايك فائق الاحترام وشكرا لمعلوماتك ولكنى لمحت اسما بين سطورك لشخصية اعرفها ذكرت ما تعرفه عنها كما تراه ولك مطلق الحرية ولكن حق الرد مكفول فاسمح لى انا ايضا ان اذكر ما اعرفه عنه
م_عدلى القزاز تلك الشخصية التى اتهمتها بالتعصب والعمالة وغيره هو رجل من انبل الرجال واكرمهم واوسعهم صدرا وانا احدى العاملين بمدرسته فاينما جلست معه اكون على يقين ان لى مطلق الحرية فى الاختلاف والاعتراض وابداء رايى انا وغيرى فان كان متعصبا لرايه او
ديكتاتورا يضرب زملاءه لاختلافهم معه كما ذكرت فالاولى به ان (يضرب)على حد تعبيرك من يعملون عنده ويقهرهم كغيره من اصحاب المدارس الخاصة استغلالا لحاجتهم للعمل او لغيره
اما اتهامه بالعمالة للمباحث فانا لم ارك ذكرت دليلا ماديا عليه
الشىء الوحيد الذى اوافقك فيه واتاكد منه هو التفاف طلاب الجامعة حوله وذلك لاننا لمسنا فيه شخصية محورية جذابة لا يمكن لمن يراه الا ان يلتف حولها ويحسن الاستماع وما العيب ان يبدا خطبته بقال الله ورسوله اليبس كلام الله بخير الكلام.
ارجو ان يتسع صدرك لتقبل رايى كاتساع صدر م_عدلى لمن يعرفوه

حكايات من زمن فات

حكايات من زمن فات
اضغط على الصورة لتحميل الكتاب

حكايات من زمن جاى

حكايات من زمن جاى
اضغط على الصورة لتحميل الكتاب

قاوم يا فتى

قاوم يا فتى
اضغط على الصورة لتحميل الكتاب

أوراق عمالية

أوراق عمالية
اضغط على الصورة لتحميل الورقة